للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ» (١).

فبيّن الكرماني اعتراض البعض من أنه إذا كان الشفاء في الكي فلا معنى للنهي لأنه صار تناقضاً، فأجاب عن ذلك: «قلت: النهي من أجل أنهم كانوا يرون أنه يحسم الداء ويبرئه. فنهى أمته عنه على ذلك الوجه، وأباح استعماله على معنى طلب الشفاء من الله تعالى والترجي للبرء بما يحدث الله تعالى من صنيعه أو النهي إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض، وقبل الاضطرار إليه أو إذا كان ألمه زائداً على ألم المرض مع أنه نهى تنزيه لا ينافي الجواز» (٢).

ومن ذلك حديث: «أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ. فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ «اسْقِهِ عَسَلاً». ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ فَعَلْتُ. فَقَالَ «صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلاً». فَسَقَاهُ فَبَرَأَ» (٣).

يرد الكرماني في هذا الحديث على بعض الملاحدة الذين قالوا أن العسل من مُسهلات البطن، والرجل يشكو من الإسهال، فأجاب: «النووي (٤): اعترض بعض الملاحدة فقال: العسل مُسهّل فكيف يسقي لصاحب الإسهال،


(١) أخرجه البخاري، كتاب: الطب، باب: الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾، رقم (٥٣٣٠).
(٢) الكواكب الدراري، ٢٠/ ٢٠٦.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب: الطب، باب: الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾، رقم (٥٣٣٣).
(٤) شرح مسلم، ١٤/ ١٩١.

<<  <   >  >>