للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالخرم من معانيه في اللغة القطع، وهو ما وافق المعنى الاصطلاحي من قطع الحديث واختصاره.

واختصار الحديث، له أنواع فقد يروي الراوي الحديث وينقله مختصرا، فيقطّعه ويأخذ منه موطن الشاهد الذي يريد، بينما يرويه غيره تاماً، مما يؤدي إلى تعدد صور روايات الحديث، وهو حديث واحد، فلا يُظن أن هذا من قبيل اضطراب المتن، إذ أن الاضطراب تكون الروايات فيه متساوية لايمكن الجمع بينها، مما يُشعر بعدم ضبط الراوي.

وقد جاء عن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى: «قال كنت أسمع الحديث من عشرة اللفظ مختلف والمعنى واحد» (١).

فيُفهم من كلام ابن سيرين أن الرواة منذ الصدر الأول كانوا يتصرفون في الحديث فيختصرونه أو يرونه بالمعنى.

أسباب اختصار الحديث:

لجأ البخاري في صحيحه، لتقطيع الحديث واختصاره، للحاجة إلى ذلك (٢)، وذلك إما لشهرته وإما لأنه رواه كاملا سابقا، وإما لذكر موطن


(١) العلل الصغير للترمذي، (٧٤٦).
(٢) بخلاف صنيع الإمام مسلم في صحيحه، يقول الحافظ ابن كثير: «وأما مسلم فإنه يسوق الحديث بتمامه، ولا يقطعه. ولهذا رجحه كثير من حفاظ المغاربة، واستروح إلى شرحه آخرون، لسهولة ذلك بالنسبة إلى صحيح البخاري وتفريقه الحديث في أماكن متعددة بحسب حاجته إليه. وعلى هذا المذهب جمهور الناس قديماً وحديثاً» الباعث الحثيث، ص ١٤٤.

<<  <   >  >>