الفتوى، ومن هنا جاء كلامه في مسائل الفقه مجرد تعليقات مقتضبة، كان يدوّنها وينثرها في مناسبات مختلفة، هنا وهناك.
بيد أن هذه التعليقات المقتضبة لم تكن بالقليلة، إذا ما ضُمّ بعضها بجانب بعض، ويمكن أن تُكوّنَ مَعْلَمَةً فقهية خاصة بالذهبي، تُضَم إلى نظائرها من ترجيحات الأئمة، لتوسع من دائرة فهم نصوص الكتاب والسنّة، وتزيد من معرفة دلالاتها بصورة أعمق.
• الدراسات السابقة:
وكنتُ أحسب عندما شرعتُ في جمع مادة الكتاب؛ أنه لم يسبقني إليها أحد، كما أشرت في المقدمة قبل قليل، ولكن بعد أن أوشكت الفراغ من العمل، وكدت أدفع بالكتاب إلى المطبعة، نبهني بعض فضلاء أهل العلم، إلى وجود رسالة علميّة في آراء الذهبي الفقهية (١)، في قسم الفقه، بالجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة.
فبادرتُ الذهاب إلى مكتبة الجامعة، وطلبت الرسالة، وأخذت في مطالعتها، فألفيتُ صاحبها قد بذل جهداً مشكوراً في جمع آراء الذهبي الفقهية، ودراستها وتوثيقها.
لكني وجدت طبيعة رسالته تختلف عن طبيعة كتابي هذا في نواح عدة؛ منها: أنني قصرت بحثي على اختيارات الذهبي وحدها، دون التعليق عليها، إلا في حدود ضيقة جداً جداً. أما الرسالة المذكورة
(١) عنوانها: الآراء الفقهية للإمام الذهبي، جمعاً ودراسة، للطالب: عرفات بن حسن بن جعفر.