للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطَرَق الذهبي المسألة في كتاب آخر، مصرّحاً باسم هذا الإمام، فقال: "وذهب شيخنا ابن تيمية، وهو من أهل الاجتهاد لاجتماع الشرائط فيه: أن الحالف على شيء بالطلاق، لم تطلق منه امرأته بهذه اليمين، سواء حنث أو بر. ولكن إذا حنث في يمينه بالطلاق مرة قال: يكفر كفارة يمين. وقال: إن كان قصد الحالف حضاً أو منعاً، ولم يُرد الطلاق فهي يمين. وإن قصد بقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق شرطاً وجزاءاً فإنها تطلق ولا بد. وكما إذا قال لها: إن أبريتني من الصداق فأنت طالق، وإن زنيت فأنت طالق. وإذا فرغ الشهر فأنت طالق؛ فإنها تطلق منه بالإبراء والزنا وفراغ الشهر، ونحو ذلك. لكن ما علمنا أحداً سبقه إلى هذا التقسيم، ولا إلى القول بالكفارة؛ مع أن ابن حزم نقل في كتاب "الإجماع" له خلافاً في الحالف بالعتاق والطلاق، هل يكفر كفارة يمين أم لا؟ ولكنه لم يسم من قال بالكفارة. والله أعلم. والذي عرفنا من مذهب غير واحد من السلف؛ القول بالكفارة في الحلف بالعتق وبالحج، وبصدقة ما يملك. ولم يأتنا نص عن أحد من البشر بكفارة لمن يحلف بالطلاق. وقد أفتى بالكفارة شيخنا ابن تيمية مدة أشهر، ثم حرم الفتوى بها على نفسه، من أجل تكلم الفقهاء في عرضه. ثم منع من الفتوى بها مطلقاً" (١).

قلت: قد أطال الإمام ابن تيمية في تقرير هذه المسألة، وأثبت الخلاف فيها، لا كما يُفهم من كلام الذهبي، فالله تعالى أعلم (٢).


(١) "تاريخ الإسلام" ٧/ ١٦٠.
(٢) ينظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" ٣٣/ ١٢٦.

<<  <   >  >>