وفي الآية أنه يمهل أربعة أشهر من الإيلاء ثم يطالب بالفيئة أو الطلاق (١).
واستدل الشافعي بها على من آلى أربعة أشهر فقط لا يكون مؤلياً، خلافاً لأبي حنيفة في قوله بوقوع طلقة (٢)؛ لأن مدة أربعة أشهر حق خالص له فلا يفوت به حق، ولا يتوجه عليه مطالبة (٣).
وفي الآية رد على من خصص الإيلاء بالمؤبد، بخلاف المقيد بوقت، أو صفة لإطلاق الآية (٤).
وعلى القائل إن من حلف على دون أربعة أشهر ولو يوماً أن يتركها أربعة أشهر من غير جماع (٥).
وعلى من قال بوقوع الطلاق بمضي المدة لقوله: ﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾ ﴿وَإِنْ عَزَمُوا﴾ (٦)، وفي لفظ العزم ما يدل على قصد الطلاق وإنشائه. وكذا قوله: ﴿سَمِيعٌ﴾
(١) الطلاق حال امتناعه عن الفيئة وهي الرجوع عن موجب يمينه، فيطأ زوجته.
(٢) إذا تمت الأربع، ولا أثر لفيئته بعدها، ولا يتوقف على القاضي.
(٣) أي: فلا يفوت بالأربعة أشهر حق الخيار بين الفيئة والطلاق، ولا يتوجه عليه مطالبة بطلاق.
وسبب الخلاف: الخلاف في التقدير في قوله: ﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾، فقيل: (فإن فاؤوا فيهن) أو (فيها) وهي قراءة أبي بن كعب، وهو مذهب الحنفية.
وقدَّر الشافعي (فإن فأوا بعدهن) وسيأتي ما يدل عليه من السياق.
وكذا وقع الخلاف في الفاء في قوله: ﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾ هل هي للترتيب الزماني، أي: زمن المطالبة بالفيء أو الطلاق عقب الأجل المضروب.
أو للترتيب الذكري، فتفيد الترتيب المفصل (الفيء والطلاق) على المجمل، فيجوز أن يكون خلال الأجل المضروب، فإذا انقضى الأجل دون فيئة، وقع الطلاق.
(٤) فلم تقيد الآية الإيلاء بمؤبد أو غير مؤبد، والذي قصرها على المؤبد أراد قصر الآية على سبب نزولها، كفعل الجاهلية، وربما حلف ألا يطأ امرأته على التأبيد.
(٥) أي: رد عليه في كونه إيلاءً، فليس ذاك بإيلاء؛ لمفهوم العدد ﴿أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾.
(٦) باعتبار أن الفاء للترتيب الزماني، كما سبق.