للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحضانة؛ لأن حاجة الولد إلى من يحضنه كحاجته إلى من يرضعه (١).

وفي الآية أن منتهى الرضاع حولان (٢)، وأنه لا رضاع بعدهما فلا يثبت التحريم (٣)، وأنه يجوز فطمه قبل الحولين بشرط تشاور الأبوين في ذلك واتفاقهما (٤)، وأنه لا يستقل أحدهما بالفطم قبلهما بخلاف ما بعدهما، وأن على الأب أجرة الرضاع للأم إذا طلبتها سواء كانت في عصمته أم لا (٥)، وأن المراعى في ذلك حال الزوج يساراً وإعساراً وتوسطاً لا الزوجة ولا هُمَا، لقوله: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (٦).

(١) قياس الحضانة على الرضاعة، فكما أنّها أحق بالرضاعة فهي أحق بالحضانة، ويؤيده ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ وفي انتزاع الصغير إضرار بالأم.

(٢) ولما كان الحول يطلق على الكامل وعلى معظم الحول، أكده سبحانه بقوله: ﴿كَامِلَيْنِ﴾ والمقصود تمام الرضاع يكون بالحولين، ومفهومه عدم جواز إفطامه، قبل ذلك، لكن هذا المفهوم غير مراد، كما سيأتي في سياق الآية.

(٣) أخذًا من مفهوم العدد، وهو أن ما زاد على الحولين ليس له حكم لبن الرضاع، فلا يثبت به التحريم.

ويؤكد هذا المفهوم قوله «إنّما الرضاعة من المجاعة» أخرجه البخاري (٢٦٤٧)، ومسلم (١٤٥٥)، وورد مرفوعًا وموقوفًا عن ابن عباس -والموقوف أصح- «لا رضاع بعد الحولين»، فهو إذا بعد الحولين لبن طعام فقط، كسائر الأغذية غير معتبر في التحريم.

(٤) لقوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ وهي من الأساليب الدالة على الجواز، وقد علق على شرطين، ولا يثبت الحكم إلّا بثبوتهما، ومفهوم الشرط عدم جواز فطامه عند انتفاءها، أو انتفاء أحدهما.

(٥) لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ﴾ وإن كانت في عصمته، اكتفي بالإنفاق عليها باسم الزوجية، ﴿رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾، فالزوجة تستحق النفقة والكسوة أرضعت أم لم ترضع؛ لأنّ النفقة والكسوة مقابل التمكين.

وإن كانت خارج عصمته فلها الانفاق على المولود من أجل الإرضاع، والأجرة كما في آية الطلاق: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾.

(٦) ﴿نَفْسٌ﴾ نكرة في سياق نفي فتعمّ، ويدخل فيها الزوج أصالة؛ لأنّه المقصود، وهو الذي تجب عليه النفقة. وحصر التكليف على الوسع، والمعتبر حال الزوج هنا؛ فإنّ كان فقيرًا، فإنّه لا يلزم إلّا بنفقة الفقير، وكذا إن كان غنيًا أو متوسطًا كل حسب حاله.

<<  <   >  >>