للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأعيان من المنافع (١). ومن السكوت عن التحريم (٢)، ومن الإنكار على من حرم الشيء (٣)، ومن الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا (٤)، والاخبار عن فعل من قبلنا

(١) منها: إباحة ركوب البحر، والانتفاع بما يخرج من البحر؛ لقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: ١٤]، وكذا إباحة شرب لبن الأنعام؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ [النحل: ٦٦].

قال العز بن عبد السلام في كتابه الإمام (٨٦): «فائدة: تمنن الرب بما خلق في الأعيان من المنافع، يدل على الإباحة دلالة عرفية؛ إذ لا يصح التمنن بممنوع».

(٢) قلت: وهو تقرير بعدم التحريم، ويمكن التمثيل له: بإباحة العزل - على خلاف في اشتراط إذن الزوجة - لحديث جابر قال: (كنا نعزل على عهد رسول الله والقرآن ينزل) أخرجه البخاري (٥٢٠٨)، ومسلم (١٤٤٠)، وإباحة أكل لحم الضب؛ لقول ابن عباس :

(أهدت أم حفيد - خالة ابن عباس - إلى النبي أقطاً، وسمناً، وأضباً، فأكل النبي من الأقط والسمن، وترك الضب تقذراً. قال ابن عباس: فأكل على مائدة رسول الله ، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله أخرجه البخاري (٢٥٧٥).

(٣) مثاله: الإنكار على تحريم وطء الإنسان أمته، أو شرب العسل - كما ذكرا في سبب نزول قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١]-؛ فأنكر وعتب ﷿ على من حرم ذلك، ومن ذلك إباحة لحوم بهيمة الأنعام؛ لإنكاره ﷿ على من حرمها، بقوله: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [الأنعام: ١٤٣ - ١٤٤]، وكذا إباحة أكل الطيبات، أخذاً من إنكاره ﷿ على من حرمها، بقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، وإباحة الزينة والطيبات ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢].

(٤) لأن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، قال السعدي في تفسيره (١/ ٤٨): «وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة؛ لأنها سيقت في معرض الامتنان .... »، ومن الأمثلة قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [غافر: ٧٩] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥].

<<  <   >  >>