والإثم (١) والمؤاخذة (٢)، ومن الإذن فيه (٣) والعفو عنه (٤) ومن الامتنان بما في
(١) أي نفي الإثم عن الفاعل، ومثال هذا الأسلوب: إباحة أكل الميتة للمضطر، لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] وقد يقال بوجوب الأكل، وأنها رخصة واجبة. وكذا إباحة التعجل في يومين لمن أراد قضاء حجه، من قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة: ٢٠٣].
(٢) ومنه قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥]، بمعنى رفع الحرج والإثم عن الفاعل، ورفع الإثم والحرج لغير القاصد دليل الإباحة.
(٣) أي: بالفعل، فيدل على إباحته، ومثاله: إباحة ترك المبيت بمنى لمن كان له حاجة خارجها، كالسقاة والرعاة؛ لما ورد عن ابن عمر ﵁:(أن العباس ﵁ استأذن النبي ﷺ ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له) أخرجه البخاري (١٦٣٤)، ومسلم (١٣١٥)، وإباحة الرقية من الحمة؛ لما ورد من حديث أنس ﵁ قال:(أذن رسول الله ﷺ لأهل بيت من الأنصار أن يرقوا من الحمة … ) أخرجه البخاري (٥٧١٩). ومنه كذلك إباحة قتال الكفار، من قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩]، وكانت أول آية نزلت في القتال، قبل أن يفرض عليهم.
(٤) ويمثل لذلك بما رواه أبو الدرداء مرفوعاً بلفظ: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته) ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤]، أخرجه الدارقطني في سننه (٢/ ١٣٧)، والحاكم (٢/ ٣٧٥) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وانظر: السلسلة الصحيحة (٥/ ٣٢٥).