إما بتقدير لا النافية، أو أن يطيقونه بمعنى يتكلفونه كما قرئ يطوقونه، قال: يكلفونه، أي فلا يطيقونه.
وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس لأنه قرأ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾
قال: يكلفونه، وهو الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يطعمون كل يوم مسكيناً ولا يقضون، وله طرق كثيرة عنه.
وأخرج الدارقطني عنه أنه قال لأم ولد له حبلى أو مرضع: أنتِ من الذين لا يطيقون الصيام، عليك الجزاء، وليس عليك القضاء.
قال الشافعي: ظاهر الآية أن الذين يطيقون الصوم إذ لم يصوموا أطعموا، ونسخ في غير حق الحامل والمرضع، وبقي في حقهما.
فالحاصل أنَّا إن جعلناها منسوخة فهي في الحامل والمرضع محكمة، وإن جعلناها محكمة ففيها دليل على إباحة الإفطار لمن لا يطيق لعذر لا يرجى برؤه، وأن عليه فدية بدل الصوم، وأنها عن كل يوم قدر طعام مسكين، وهو مُدُّ من حبّ، وأن من زاد على ذلك فهو أفضل (١)، وأن مصرفها طائفة المساكين بخلاف غيرهم من أهل الزكاة.
وقد يستدل بالآية على أن الصوم لا يقبل النيابة وإلا لذكرها (٢).
واستدل بها ابن عباس على أن الحامل والمرضع يفديان ولا قضاء عليهما (٣).
(٢) أي: لذكر الإنابة بدل الإطعام؛ لأنّ المقام مقام تشريع لأصحاب الأعذار، فأوجب على المكلف أن يصوم بنفسه في قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، أو يقضيه بنفسه بقوله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا﴾ الآية، فانتفى أن يصوم غيره عنه.
(٣) سبق تفسيره لقوله (يطوقونه) باعتبار أنهما لا يطيقانه، وكما سيأتي من كلام المصنف ونقله.