للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبيد: اختلف الناس في الحامل والمرضع فقيل عليهما الفدية دون القضاء، وقيل: القضاء دون الفدية، وقيل الأمران وكل تأول الآية، من قال بالفدية فقط: رأى أنهما ممن لا يطيق وليستا من أهل السفر والمرض، وأهل هذا الوصف هم أهل الفدية، ومن رأى القضاء فقط: رأى الحمل والرضاع علتين من العلل كالمرض، ومن أوجبهما قال: إن الله حكم في تارك الصوم بعذر بحكمين القضاء في آية، والفدية في أخرى، فلما لم يجد لهما ذكراً في واحد منهما جمعهما عليهما، أخذاً بالأحوط (١).

واستدل بالآية على أن المسافر والمريض يفديان ولا يقضيان، أخذاً من عموم اللفظ (٢).

ورد لأن قوله تعالى أولاً في حقهما: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ يمنع دلالة: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ عليهما؛ لأن ما عطف على الشيء غيره لا محالة.

وفي الآية رد على من قال بإسقاط الصوم عن الشيخ ونحوه بلا فدية (٣)، وعلى من جوز الفدية فيه بالعتق (٤).

(١) يجاب عنه أنَّ الفدية ما قام مقام الشيء وأجزأ عنه، فغير جائز على هذا الوضع اجتماع القضاء والفدية؛ لأنّ القضاء إذا وجب فقد قام مقام المتروك، فلا يكون الإطعام فدية، وإن كانت فدية صحيحة فلا قضاء؛ لأنّ الفدية قد أجزأت عنه، وقامت مقامه. الجصاص (١/ ٢٢١).

(٢) اسم موصول في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾، قال الجصاص في أحكام القرآن (١/ ٢١٦): «فغير جائز أن يكون هؤلاء ﴿الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ هم المرضى والمسافرين؛ إذ تقدم ذكر حكمهما، وبيان فرضهما بالاسم الخاص لهما، فغير جائز أن يعطف عليهما بكناية عنهما مع تقديمه ذكرهما منصوصًا معينًا».

(٣) لقوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ﴾ و (على) من الصيغ الدالة على الوجوب، باعتبار أن الآية للجميع، فيدخل الشيخ ونحوه.

(٤) أي: رد عليه، وذلك لقوله (اطعام).

<<  <   >  >>