للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَكُمُ﴾، وإذا أكل وهو يرى أن الشمس قد غابت ولم تغب فليقضه؛ لأن الله تعالى يقول ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (١).

واستدل به اللخمي على إجزاء النية مع طلوع الفجر؛ لأنه إذا كان الأكل مباحاً إلى الفجر لم تجب النية إلا في الموضع الذي يجب فيه الإمساك (٢).

واستدل به قوم على صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع في الحال، أو في فيه طعام فلفظه، بطريق الإشارة السابقة (٣).

قلت: ويستدل بقوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾ على أن المراد بالفجر في الصوم ونحوه من الأحكام ما يظهر لنا لا ما في نفس الأمر (٤)، وبقوله: ﴿الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ على أن المراد بالفجر المعترض (٥) دون المستطيل، بقرينة قوله: ﴿الْخَيْطُ﴾ كما لا يخفى.

وفي الآية رد على من جعل أول الصيام من طلوع الشمس (٦).

(١) ومفهوم غايته: أنّه إذا لم يتمه فأكل وشرب، فإن عليه القضاء، وعلى استصحاب النهار.

واختلف أهل العلم هل علق الحكم على التبيين لنا، أو على ما في نفس الأمر؟

وما نقله المؤلف عن سعد بن منصور، يتجه نحو أن التعليق على التبيين لنا، لذا قال: «وهو يرى أن عليه ليلًا».

(٢) بدلالة الإشارة؛ إذا الحكم ليس مسوقًا لحكم النية، بل مسوق لوقت الإفطار.

(٣) وهذا باعتبار أن النزع ليس بجماع، وهو للشافعية والحنفية، وأحد قولي المالكية، حتى لو خرج المني، فهو كالاحتلام، أمّا عند المالكية رواية والحنابلة فإنّ الصوم يفسد؛ لأنّ النزع جماع يتلذذ به.

(٤) لأنّه علق التبيين لنا بقوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾.

(٥) وهو الفجر الثاني، الذي علق عليه الحكم، والخيط ضوء النهار بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده.

(٦) لأن طلوع الشمس يجعل البياض ينتشر فلا يكون خيطًا، وقوله: ﴿الْخَيْطُ﴾ قرينة تمنع القول بأن المراد انتشار البياض، واستفاضته في السماء، حتى يملأ بياضه الطرق، فلم يصح خيطًا.

وسبب الخلاف: هو الاشتراك في اسم الفجر، فيقال: على الأبيض والأحمر

وذكر ابن الفرس (١/ ٢١٠) أن العلماء اختلفوا في أول النهار، فقيل: الفجر، وقيل: طلوع الشمس، ثم اختلفوا ما بينهما هل هو من النهار، فلا يجوز الأكل أو من الليل فيجوز.

<<  <   >  >>