قال ابن عباس قوله: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ﴾، يقول: فمن أحرم بالعمرة في أشهر الحج، أخرجه ابن أبي حاتم.
وفيها أن عليه دماً (١)، فإن لم يجده صام عشرة أيام، وأنه يجب تفريقها ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فيندب الإحرام بالحج قبل يوم النحر بثلاثة أيام (٢).
واختلف في المراد بقوله: ﴿رَجَعْتُمْ﴾ فقيل: إلى أوطانهم، وقيل: من مِنى (٣).
قال أبو حنيفة: الإشارة بذلك إلى التمتع، فليس للمكي أن يتمتع، فمتى فعله أخطأ وعليه دم (٤).
وقال الشافعي إلى وجوب الدم على غير المكي، فلا دم على المكي (٥)، وله التمتع (٦).
(١) لقوله: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ أي: فعليه ما استيسر.
(٢) لأنّ آخر أيام الحج يوم النحر، وهو عيد منهي عن صيامه باتفاق، فبقي الصيام في الأيام التي قبله، وهي السابع والثامن والتاسع، وقد أطلق عليها اسم الحج فبان بهذا أنه يندب الإحرام فيها بالحج، ذكره القرطبي في جامعه (٢/ ٤٠٠)، نقلها عنه محقق الكتاب في حاشية (١٠).
(٣) لأنّ الرجوع من العمل أي: الفراغ منه، ويفرغ إذا رجع من منى.
قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ١٨٥): «وتحقيق المسألة أن قوله تعالى: ﴿إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ إن كان تخفيفا ورخصة، فيجوز تقديم الرخص وترك الرفق فيها إلى العزيمة إجماعا، وإن كان توقيفًا، فليس فيه نص ولا ظاهر أنه أراد البلاد، وإنما المراد في الأغلب والأظهر فيه أنه الحج».
(٤) ويسمونه دم جناية، لا يأكل منها.
(٥) لأنّ اسم الإشارة ﴿ذَلِكَ﴾ استثنى المكي من وجوبها عليه.