(هذا العزو للبخاري خطأ فاحش ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري وليس كذلك وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي الذي ساقه الدكتور (١/ ٥١ - ٥٣) وهو عند البخاري في أول (التعبير)(١٢/ ٢٩٧ - ٣٠٤ فتح) من طريق معمر: قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة … فساق الحديث إلى قوله: (وفتر الوحي) وزاد الزهري: (حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مرارا، كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل؛ لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد! إنك رسول الله حقاً؛ فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي، غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك)
وهكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد (٦/ ٢٣٢ - ٢٣٣)، وأبو نعيم في (الدلائل)(ص ٦٨ - ٦٩)، والبيهقي في (الدلائل)(١/ ٣٩٣ - ٣٩٥) من طريق عبد الرزاق عن معمر به.
ومن هذه الطريق أخرجه مسلم (١/ ٩٨) لكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه الزيادة، وكذلك أخرجه مسلم، وأحمد (٦/ ٢٢٣) من طريق عقيل بن خالد: قال ابن شهاب به دون الزيادة، وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به.
قلت: ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين:
الأولى: تفرد معمر بها دون يونس وعقيل؛ فهي شاذة.
الأخرى: أنها مرسلة معضلة؛ فإن القائل:(فيما بلغنا) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق وبذلك جزم الحافظ في (الفتح)(١٢/ ٣٠٢) وقال: (وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا)
قلت: وهذا مما غفل عنه الدكتور، أو جهله فظن أن كل حرف في