وَكُفُّوا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَدْ شَجَاكُمْ … وَلَا تَعْمَلُوا فِي الْأَرْضِ فِعْلَ الْأَبَاعِرِ
فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهَ فِي خَيْر أُسْرَةٍ … خِيَارَ مَعْدٍ كَابِرًا بَعْدَ كَابِرِ
فَقَالَ حَارِثَةُ لَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ خبره:
بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ … أَحَيٌّ فَيُرْجَى أَمْ أَتَى دُونَهُ الْأَجَلْ
فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ … أَغَالَكَ سَهْلُ الْأَرْضِ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرَ رَجْعَةٌ … فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ لِي بَجَلْ
تُذَكِّرُنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا … وَيَعْرِضُ لِي ذِكْرَاهُ إِذْ عَسْعَسَ الطَّفَلْ
وَإِن هَبَّتِ الْأَرْوَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ … فَيَا طُولَ أَحْزَانِي عَلَيْهِ وَيَا وَجَلْ
سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ فِي الْأَرْضِ جَاهِدًا … وَلَا أَسْأَمُ التَّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمُ الْإِبِلْ
فَيَأْتِيَ أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي … وَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الْأَمَلْ
فَقَدِمَ حَارِثَةُ بْنُ شَرَاحِيلَ إِلَى مَكَّةَ فِي إِخْوَتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فَنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى زَيْدٍ عَرَفُوهُ وَعَرَفَهُمْ وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِمْ إِجْلَالًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا لَهُ: يَا زَيْدُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا زَيْدُ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبِي، وَهَذَا عَمِّي، وَهَذَا أَخِي، وَهَؤُلَاءِ عَشِيرَتِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قُمْ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ يَا زَيْدُ" فَقَامَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا لَهُ: امْضِ مَعَنَا يَا زَيْدُ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدَلًا وَلَا غَيْرِهِ أَحَدًا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا مُعْطُوكَ بِهَذَا الْغُلَامِ دِيَاتٍ، فَسَمِّ مَا شِئْتَ فَإِنَّا حَامِلُوهُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: "أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي خَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَأُرْسِلُهُ مَعَكُمْ» فَتَابُوا وَتَلَكَّئُوا وَتَلَجْلَجُوا، فَقَالُوا: تَقْبَلُ مِنَّا مَا عَرَضْنَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّنَانِيرِ، فَقَالَ لَهُمْ: "هَا هُنَا خَصْلَةٌ غَيْرُ هَذِهِ قَدْ جَعَلْتُ الْأَمْرَ إِلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ فَلْيَقُمْ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدْخُلْ" قَالُوا: مَا بَقِيَ شَيْءٌ؟ قَالُوا: يَا زَيْدُ، قَدْ أَذِنَ لَكَ الْآنَ مُحَمَّدٌ فَانْطَلِقْ مَعَنَا، قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute