للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بخمسين صلاة). قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فالتفت إلى جبريل، كأنه يستشيره في ذلك، فأشار أن نعم إن شئت، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار -تبارك وتعالى-، وهو في مكانه -هذا لفظ البخاري في بعض الطرق - فوضع عنه عشرًا، ثم أنزل حتى مر بموسى، فأخبره، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله- عز وجل-، حتى جعلها خمسًا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال: (قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم)، فلما بعد نادى مناد: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي. انتهى.

ثم ذكر ابن القيم خلافًا في رؤيته -صلى الله عليه وسلم- ربه -تبارك وتعالى-، ثم ذكر كلامًا لابن تيمية بهذا الصدد، وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلًا، وهو قول لم يقله أحد من الصحابة. وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقًا ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني.

ثم قال: وأما قوله تعالى في سورة النجم: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: ٨] فهو غير الدنو الذي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن مسعود، والسياق يدل عليه، وأما الدنو والتدلي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب -تبارك وتعالى- وتدليه، ولا تعرض في سورة النجم لذلك، بل فيه أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى. وهذا هو جبريل، رآه محمد -صلى الله عليه وسلم- على صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم).

التعليق: نسبة الدنو والتدلي لله -عز وجل- من أغلاط شريك بن عبدالله وأوهامه

قال الأرناؤوط (١): (هذه الجملة، التي أخرجها البخاري في صحيحه (١٣/ ٣٩٩، ٤٠٦) من طريق شريك بن عبدالله وهي من أوهامه التي تفرد بها فكان على المؤلف-رحمه الله- أن ينبه على ذلك.


(١) تخريج زاد المعاد (٣/ ٣٥).

<<  <   >  >>