للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتيان قريش، من كل بطن رجل، بأسيافهم وعصيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- قدر أربعين ذراعًا، نظر أولهم فرأى الحمامتين فرجع فقال له أصحابه: ما لك لم تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد. قال: فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله، فعرف أن الله قد درأ عنه بهما، ...... قالوا: وكانت لأبي بكر منيحة غنم يرعاها عامر بن فهيرة، وكان يأتيهم بها ليلاً فيحتلبون، فإذا كان سَحَر سرح مع الناس، قالت عائشة: وجهزناهما أحب الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب، وقطعت أخرى فصيرته عصامًا لفم القربة، فبذلك سميت ذات النطاقين، ومكث رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، واستأجر أبو بكر رجلاً من بني الديل هاديًا خريتًا يقال له: عبد الله بن أريقط، وهو على دين الكفر، ولكنهما أمناه فارتحلا ومعهما عامر بن فهيرة، فأخذ بهم ابن أريقط يرتجز، فما شعرت قريش أين وجّه رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، حتى سمعوا صوتًا من جني من أسفل مكة ولا يرى شخصه يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه … رفيقين حلا خيمتي أم معبد

هما نزلا بالبر ثم تروَّحا … فأفلح من أمسى رفيق محمد

التخريج

القصة من هذا الطريق وبهذا اللفظ، أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (١ - ١١٠)، حيث قال: "أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا عون بن عمرو القيسي أخو رياح القيسي، أخبرنا أبو مصعب المكي قال: أدركت زيد بن أرقم، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- … " فذكر القصة. (١)


(١) انظر: تخريجه في السلسلة الضعيفة للألباني (٣/ ٢٥٩) حديث (١١٢٨). وقال الدكتور العمري في السيرة النبوية الصحيحة (١/ ٢٠٨): (وقد ورد حديث ضعيف جداً يفيد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما بات في غار ثور أمر الله شجرةً، فنبتت في وجه الغار، وأمر حمامتين وحشيتين، فوقعتا بفم الغار. وأن ذلك سبب صدود المشركين عن الغار. ومثل هذه الأساطير تسربت إلى مصادر كثيرة في الحديث والسيرة).

<<  <   >  >>