قلت: فسند القصة منقطع، يشهد لذلك صيغة الرواية في قول ابن إسحاق:"فَحُدّثتُ" التي جاءت بصيغة المبني للمجهول، التي تدل على أن هناك سقطًا في الإسناد.
ويشهد لانقطاع السند أيضًا قول الحافظ ابن حجر في "التقريب"(٢ - ١٤٤): "محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر، المطلبي، مولاهم المدني، نزيل العراق، إمام المغازي صدوق يدلس".
قلت: ورواية السند بصيغة المبني للمجهول فيها إسقاط في السند، وهذا أشد من تدليس الشيوخ، حيث يتسبب في تضييع المروي عنه، وتوعير طريق معرفته على السامع.
قال الإمام الذهبي في "الميزان"(٣ - ٤٦٨ - ٧١٩٧): "محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر، المخرمي، مولاهم المدني. ما له عندي ذنب إلا قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة".
قلت: وذكر الإمام المزي في "تهذيب الكمال"(١٦ - ٧٨ - ٥٦٤٤): أن يعقوب بن شيبة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير، وذكُر ابن إسحاق فقال: إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أُتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة.
قلت: وبهذا التحقيق تصبح هذه القصة باطلة؛ حيث يُحدّث فيها ابن إسحاق عن المجهولين.
طريق آخر للقصة
هذا الطريق ذُكر فيه الرجل من الجن الذي أقبل من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، ولم يُذكر فيه لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر.
والقصة من هذا الطريق جاءت من حديث زيد بن أرقم، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة يتحدثون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسترته، وأمر الله العنكبوت فنسجت على وجهه فسترته، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار، وأقبل