للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا لا يتناسب مع ما قام به المسلمون من الجهاد في سبيل الله؛ فالأولى أن يقول:

(ولقد جاهد المسلمون جهاداً كبيراً … ).

الثانية: وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالعبقرية. قد تكرر من قبل المؤلف أكثر من مرة: هنا في هذا المثال، وقوله ص (٣٧٨) تحت عنوان (نظرة على الغزوات):

(وأشدهم وأعمقهم فراسة وتيقظاً، إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف … وقد تجلت عبقريته -صلى الله عليه وسلم- في هاتين الغزوتين (أحد وحنين) عند هزيمة المسلمين … )

التعليق: العبقري والعبقرية نسبة إلى "عبقر"، وقال الزبيدي "تاج العروس" (١٢/ ٥١٤): ( … نَسَبُوا إليه كلَّ شيْءٍ تَعَجَّبُوا من حِذْقِه أَو جَوْدَةِ صَنْعَتِه وقُوَّتِه).

وقد ورد الوصف بالعبقرية في السنة النبوية؛ روى البخاري في صحيحه (٣٦٧٦، وغيره)، ومسلم (٢٣٩٣) من حديث عبد اللَّهِ بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أُرِيتُ في الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ على قَلِيبٍ فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أو ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ له، ثُمَّ جاء عُمَرُ بن الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فلم أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ حتى رَوِيَ الناسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ. والحديث مروي عن غير ابن عمر في الصحيحين وغيرهما.

قال ابن الأثير (١): (عبقري القوم سيدهم وكبيرهم وقويهم، والأصل في العبقري - فيما قيل - أن عبقر قرية يسكنها الجن، فيما يزعمون، فكلما رأوا شيئًا فائقًا غريبًا مما يصعب عمله ويدق، أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليها فقالوا: عبقريٌّ).


(١) النهاية في غريب الأثر (ج ٣/ ص ١٧٣).

<<  <   >  >>