وعلى ذلك فاستعمال وصف العبقريِّ، بمعنى كبير القوم وسيدهم وقويهم في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا شيء فيه، ولم يرد في الشرع ما يمنع من وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- به.
لكن هناك أمر مهم ولطيف أشار إليه شيخنا الأستاذ الدكتور: ناصر بن عبد الكريم العقل-حفظه الله- (١) في فصل مزاعم المدرسة العقلية في نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وإن كان المؤلف هنا لا يقصد ذلك، وإنما نبهت عليه لانتشار استعمال هذا اللفظ من قبلهم-: (وأكثر ما اهتمت به المدرسة العقلية من شخص النبي -صلى الله عليه وسلم-، جانب العبقرية، فهي تريد أن تضيف كل ما قاله، أو فعله -صلى الله عليه وسلم- إلى عبقريته الفردية الفذة، بدعوى أن جانب الوحي والنبوة والرسالة أمور غيبية روحية، لا تثبت أمام البحث العلمي، والموضوعية، ولا قيمة لها في نظر العلم الحديث الذي قذف بها في عالم الأساطير والخرافات.
أما العبقرية -على حد زعمهم- فهي صفة إنسانية يقرها العلم ويحترمها ويقدسها ويمكن للمسلمين أن يثبتوها علميًا حسب مقررات العلم الحديث (كذا يزعمون). وكل ذلك انهزامية وضعف إيمان بالله ورسالاته، وجهل بكتاب الله وسنة رسوله.
وأكبر دليل على ذلك أن غالب مؤلفات العقلية الحديثة تحمل في عناوينها اسم الرسول (محمد) مجردة دون اعتبار للنبوة والرسالة ويحيدون عن وصفه بالنبوة والرسالة التي هي أهم خصائصه -صلى الله عليه وسلم- (بأبي هو وأمي).
وذلك مثل:"عبقرية محمد" للعقاد، و"إنسانيات محمد" لخالد محمد خالد، و"حياة محمد" لهيكل، و"محمد والقوى المضادة" لمحمد أحمد خلف الله، و"محمد" لمصطفى محمود، و"محمد" لتوفيق الحكيم، وهم يفعلون ذلك باسم العلمية ومسايرة الرقي العقلي الذي وصلت إليه