الثانية: قول المؤلف إن هذه القصة رواها الإمام أحمد تبعاً للحافظ ابن حجر كما نقل عنه قوله: (إن أحمد رواه بإسناد قوي عن عبد الله بن الزبير، فتح الباري (٦/ ٢٨٥) شرح كتاب الخمس، باب ١٨ من صحيح البخاري).
والصحيح أن الإمام أحمد لم يخرج القصة في مسنده وإنما أخرج حديث رقم (١٤٢٣) من طريق عبد الله بن الزبير، قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مَعَ النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ. قَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:" مَنْ يَأْتِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِيَنِي بِخَبَرِهِمْ؟ " فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْهِ فَقَالَ:" فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ". وإسناد أحمد صحيح ويوافق ما في البخاري حديث رقم (٣٧٢٠) ولا يوجد فيه ذكر لقصة حسان-رضي الله عنه-.
والغريب أن المؤلف صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله- قد أشار إلى ضعف القصة في الطبعة القديمة بقوله:(يحمل هذا الحديث على أن حساناً كان جباناً، وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره، وذلك أن الحديث منقطع الإسناد، ولو صح لهجي به حسان، - وإن صح الحديث- فربما كان حسان معتلاً في ذلك اليوم، وهذا أولى ما تأول).
ثم حذف هذا التعليق، وكتب ما نقله عن الحافظ ابن حجر في الطبعة الجديدة.
* * * *
قوله: (ثم إن الله عز وجل - وله الحمد - صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم، وفَلَّ حدهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له: نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي - رضي الله عنه- جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنما أنت رجل