للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السهيلي: سميت عمرة القضاء؛ لأنه قاضى فيها قريشاً لا لأنها قضاء عن العمرة التي صد عنها؛ لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامة؛ ولهذا عدوا عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعاً- كما تقدم تقريره في كتاب الحج -

وقال آخرون: بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعدت عمرة الحديبية في العمر لثبوت الأجر فيها، لا لأنها كملت، وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في وجوب القضاء على من اعتمر فصد عن البيت: فقال الجمهور: يجب عليه الهدي ولا قضاء عليه. وعن أبي حنيفة عكسه. وعن أحمد رواية: أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء، وأخرى: يلزمه الهدي والقضاء.

فحجة الجمهور قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي)، وحجة أبي حنيفة: أن العمرة تلزم بالشروع فإذا أحصر جاز له تأخيرها، فإذا زال الحصر أتى بها، ولا يلزم من التحلل بين الإحرامين سقوط القضاء. وحجة من أوجبها: ما وقع للصحابة فإنهم نحروا الهدي حيث صدوا، واعتمروا من قابل وساقوا الهدي، وقد روى أبو داود من طريق أبي حاضر قال: (اعتمرت فأحصرت فنحرت الهدي وتحللت ثم رجعت العام المقبل) فقال لي ابن عباس: ابذل (١) الهدي؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه بذلك (٢). وحجة من لم يوجبها: أن تحللهم بالحصر لم يتوقف


(١) الأصل في نص الحديث كما في سنن أبي داوود حديث (١٨٦٤)، ومستدرك الحاكم، أول كتاب المناسك، حديث (١٨٠٦) (أبدل)، وتحرفت هنا إلى (ابذل).
(٢) رواه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب الإحصار، حديث (١٨٦٤) عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: سمعت أبا حاضر الحميري يحدث أبي ميمون بن مهران قال: خرجت معتمراً عام حاصر أهلُ الشام ابن الزبير بمكة، وبعث معي رجال من قومي بهدي، فلما انتهينا إلى أهل الشام؛ منعونا أن ندخل الحرم، فنحرت الهدي مكاني، ثم أحللت، ثم رجعت، فلما كان من العام المقبل، خرجت لأقضي عمرتي. فأتيت ابن عباس فسألته؟ فقال: أبدِل الهدي؛ فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء.
قال الألباني في ضعيف أبي داود -الأم حديث رقم (٣٢٥): (إسناده ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق).
إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات معروفون؛ إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.
وأبو حاضر: اسمه عثمان بن حاضر.
وخالف ابن إسحاق أبو بكر بن عياش فقال: عن عمرو بن ميمون عن أبي حاضر الأزدي عن ابن عباس قال: قلت الإبل على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمرهم أن ينحروا البقر. قلت: وهذا أصح، وصححه البوصيري في " الزوائد" (٣/ ٢٢٤ - بيروت).

<<  <   >  >>