للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمام أحمد بسند صحيح من طريق الزهري عن عروة عن أم حبيبة - رضي الله عنها -: «أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، وكان أتى النجاشي فمات، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج أم حبيبة وهي بأرض الحبشة، زوّجها إياه النجاشي، وأمهرها أربعة آلاف» (١)، ورواه أيضاً أبو داود (٢)، والنسائي (٣).

مما سبق يتبين - والله أعلم - أن قصة ردة عبيد الله بن جحش لم تثبت، لعدة أدلة منها:

١ - أنها لم تُروَ بسند صحيح متصل، فالموصول من طريق الواقدي. والمرسل جاء عن عروة بن الزبير، ولا يمكن أن نحتج بالمرسل (عند من يرى الاحتجاج به) في مسألة كهذه؛ فيها الحكم على أحد السابقين الأولين - رضي الله عنهم - بالردة.

٢ - أن الروايات الصحيحة في زواجه -صلى الله عليه وسلم- بأم حبيبة لم تذكر ردة زوجها السابق، كما في الرواية السابقة عند أحمد، وأبي داود، والنسائي.

٣ - أنه يبعد أن يرتد أحد السابقين الأولين للإسلام عن دينه، وهو ممن هاجر فراراً بدينه مع زوجه، إلى أرض بعيدة غريبة. خاصة أن عبيد الله بن جحش ممن هجر ما عليه قريش من عبادة الأصنام، والتماسه مع ورقة وغيره الحنيفية- كما في رواية ابن إسحاق (بدون سند) الواردة أول هذا البحث - وفي رواية ابن سعد (عن الواقدي) أنه كان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام. ومعلوم أن البشارة ببعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت معروفة عند أهل الكتاب من يهود، ونصارى؛ فكيف يُتصور من رجل يترقب الدين الجديد أن يعتنقه ثم يرتد عنه لدين منسوخ؟! كما أن زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بأم حبيبة كان في


(١) الفتح الرباني، (١٦/ ١٧٠).
(٢) كتاب النكاح، باب الصداق (رقم ٢٠٩٣)، عون المعبود، (٦/ ١٣٧).
(٣) كتاب النكاح، القسط في الأصدقة، (٦/ ١١٩)، وصححه الألباني، صحيح النسائي، (٢/ ٧٠٥).

<<  <   >  >>