للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل الحزن مطلوب شرعاً؟

قال ابن القيم (١): (وَأَمَّا حَدِيثُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ كَانَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ فَحَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ.

وَكَيْفَ يَكُونُ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ، وَقَدْ صَانَهُ اللَّهُ عَنِ الْحُزْنِ عَلَى الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا، وَنَهَاهُ عَنِ الْحُزْنِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَغَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَمِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِ الْحُزْنُ؟.

بَلْ كَانَ دَائِمَ الْبِشْرِ، ضَحُوكَ السِّنِّ، كَمَا فِي صِفَتِهِ " الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ " (٢) صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ " (٣) فَلَا يُعْرَفُ إِسْنَادُهُ، وَلَا مَنْ رَوَاهُ، وَلَا تُعْلَمُ صِحَّتُهُ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالْحُزْنُ مُصِيبَةٌ مِنَ الْمَصَائِبِ، الَّتِي يَبْتَلِي اللَّهُ بِهَا عَبْدَهُ، فَإِذَا ابْتَلَى بِهِ الْعَبْدَ فَصَبَرَ عَلَيْهِ، أَحَبَّ صَبْرَهُ عَلَى بَلَائِهِ.

وَأَمَّا الْأَثَرُ الْآخَرُ " إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَصَبَ فِي قَلْبِهِ نَائِحَةً، وَإِذَا أَبْغَضَ


(١) مدارج السالكين (١/ ٣٧٨).
(٢) لا يوجد في كتب السنة، وإنما ذكره بعض أهل العلم مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلاميذه: كالذهبي في أعلام النبلاء (١/ ١٥٣)، وابن القيم في مدارج السالكين، وابن كثير في تفسيره (٣/ ١٣٦)، وعلق عليه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-: (ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير سورة التوبة، وذكره شيخ الإسلام في السياسة الشرعية. ولم أجده في شيء من كتب السنة).
(٣) رواه الحاكم في مستدركه حديث (٧٨٨٤) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، ثَنَا الْمُغِيرَةُ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- فذكره وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: (مع ضعف أبي بكر، منقطع). وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة حديث (٤٨٣).

<<  <   >  >>