يسمعه من عبد الله بن جعفر، وتصريح هذا بأنه لم يسمعه من حليمة فعلى الرواية الأولى فيه انقطاع بين ابن إسحاق والجهم؛ لأن الأول مشهور بالتدليس، وعلى الرواية الأخرى الانقطاع في موضعين منه، ومنه تعلم وهم الحافظ في (الإصابة) حيث قال (٤/ ٢٦٦): (وصرح ابن حبان في (صحيحه) بالتحديث بين عبد الله وحليمة) فإنه لا أصل لهذا التحديث عند ابن حبان ولا عند غيره ممن ذكرنا، ويستبعد جداً أن يدرك عبد الله بن جعفر حليمة مرضعة الرسول- صلى الله عليه وسلم -فإنه لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم- كان عبد الله ابن عشر سنين وهي -وإن لم يذكروا لها وفاة- فمن المفروض عادة أنها توفيت قبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.
وسواء كان الراجح الرواية الأولى أو الأخرى فالإسناد منقطع لا محالة.
والعلة الأخرى: أن مداره على جهم بن أبي الجهم، وهو مجهول الحال، قال الذهبي في (الميزان): (لا يعرف، له قصة حليمة السعدية).
وأما ابن حبان فذكره في (الثقات)(١/ ٣١) على قاعدته في توثيق المجهولين وللقصة عند أبي نعيم طريقان آخران مدارهما على الواقدي وهو كذاب:
أحدهما: عن شيخه موسى بن شيبة وهو لين الحديث كما قال الحافظ في (التقريب). والأخرى: عن عبد الصمد بن محمد السعدي، عن أبيه، عن جده قال: حدثني بعض من كان يرعى غنم حليمة … وهؤلاء مجهولون).
وقال الدكتور/ أكرم ضياء العمري (١): (وقد تساهل النقاد في تحسين الخبر على الرغم من العلل في سنده فقال الذهبي: (هذا حديث جيد الإسناد)(السيرة النبوية: ٨)، وقال ابن كثير: هذا الحديث قد روي من طرق أخر!!، وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السيرة والمغازي (السيرة ١/ ٢٢٨) وكان ابن عبد البر قد ذكر شهرته أيضًا (الاستيعاب مع الإصابة) ١٢/ ٢٦١.