(والحكمة) يعني السنة وقيل مواعظ القرآن, وقال تعالى مخبراً عن إبراهيم وإسماعيل أنهما قالا (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة) قال ابن كثير في قوله (ويعلمهم الكتاب) يعني القرآن (والحكمة) يعني السنة قاله الحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وأبو مالك. وقيل الفهم في الدين ولا منافاة انتهى. وقال تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) قال ابن كثير الكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة. وقال ابن جرير يعني بالحكمة السنن والفقه في الدين انتهى.
ونقل البيهقي في كتابه المدخل عن الشافعي أنه قال سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم روى بأسانيده عن الحسن وقتادة ويحيى بن أبي كثير أنهم قالوا الحكمة في هذه الآية السنة انتهى.
وقد ثبت في قضايا كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل عن الشيء الذي لا علم له به نزل عليه الوحي ببيان ذلك. وفي كل منها دليل لما قاله حسان بن عطية.
قال ابن حزم في كتاب الأحكام. لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدناه عز وجل يقول فيه واصفا لرسوله صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى) فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن, والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مقروء وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا قال الله تعالى (لتبين للناس ما نزل إليهم) ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق فقال تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فكانت الأخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها وآخرها وهي قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) فهذا أصل وهو القرآن, ثم قال تعالى (وأطيعوا الرسول) فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى (وأولي الأمر منكم) فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله حكمه, وصح لنا بنص القرآن أن