وأما قوله وقد استهزأ الجاحظ بهذا الحديث فقال كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا.
فجوابه أن يقال ليس بغريب من الجاحظ أن يستهزأ بالحديث لأنه كما قال ابن حزم في الملل والنحل كان أحد المجان الضلال غلب عليه الهزل, وقال الذهبي في الميزان كان من أئمة البدع ونقل عن ثعلب أنه قال ليس بثقة ولا مأمون, وذكر الحافظ ابن حجر في لسان الميزان شيئاً كثيراً من مساويه, وذكر عن ثعلب أنه قال كان كذاباً على الله وعلى رسوله وعلى الناس, وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث تجده يقصد في كتبه للمضاحيك والعبث يريد بذلك استمالة الأحداث وشراب النبيذ ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم كذكره كبد الحوت وقرن الشيطان وذكر الحجر الأسود وأنه كان أبيض فسوده المشركون وقال كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا, وهو مع هذا من أكذب الأمة وأوضعهم لحديث وأنصرهم لباطل انتهى.
وقد رد ابن قتيبة على الجاحظ وغيره من الملحدين الذين استهزءوا بما جاء في الحجر الأسود فقال وأما قولهم. إن كانت الخطايا سودته فيجب أن يبيض لما أسلم الناس, قال ابن قتيبة ولو شاء الله تعالى لفعل ذلك, قال: وبعد فإِنهم أصحاب قياس وفلسفة فكيف ذهب عليهم أن السواد يصبغ ولا ينصبغ والبياض ينصبغ ولا يصبغ انتهى.
وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن المحب الطبري أنه قال في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة فإِن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد, قال وروي عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة, فإِن ثبت فهذا هو الجواب, قال الحافظ أخرجه الحميدي في فضائل مكة بإِسناد ضعيف انتهى.
وأما قوله ويبدو أن المخترعين لهذا الحديث قصدوا أن يقولوا أن الناس يقبلون يد الله ومثل ذلك يقبلون يد الشيوخ.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال ليس الحديث في فضل الحجر الأسود مخترعا كما قد زعم ذلك عدو السنة, وقد تقدم الكلام في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في فضل الحجر الأسود وبيان أنه صحيح الإِسناد, وتقدم أيضا الكلام في