وقد تقدم قريبا (١) قول شيخ الإِسلام أبي العباس ابن تيمية أن عمر رضي الله عنه كان يستدعي الحديث من أبي هريرة رضي الله عنه ويسأله عنه ولم ينهه عن رواية ما يحتاج إليه من العلم الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ولا توعده على ذلك انتهى.
وإن من نعم الله تعالى على هذه الأمة إطالة عمر أبي هريرة رضي الله عنه حتى بلغ ما حفظه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكذلك إطالة أعمار غيره من الصحابة الذين حفظوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغوها إلى الأمة فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه.
ومن ضاق ذرعا بشيء من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مما رواه أبو هريرة أو غيره من الصحابة رضي الله عنهم فلا وسع الله عليه.
وأما قول المؤلف تبعاً لأبي رية, وقال عن أحاديثه المشكلة لا يتوقف على شيء منها إثبات أصل من أصول الدين.
فجوابه أن يقال ليس في أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابتة عنه مشكل لا فيما يتعلق بأصول الدين ولا فيما يتعلق بفروعه, وإنما يستشكلها من قل نصيبه من العلم النافع والدين ولاسيما تلاميذ الإِفرنج والمتخرجون من جامعاتهم ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من ذوي الجهل المركب, فكثير من هذا الضرب يستشكلون أحاديث الصفات والقضاء والقدر والوعيد ويسلكون في تأويلها مسلك الجهمية والمعتزلة, وكذلك أحاديث أشراط الساعة مثل خروج المهدي وخروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها وأحاديث المعجزات وخوارق العادات وغير ذلك من الأحاديث التي يستشكلها بعض العصريين لأنها لا تتفق مع أفكارهم وأفكار من يعظمونهم من المستشرقين وأتباع المستشرقين.
وأما قوله وسوف يزداد الأمر عجباً وعجباً إذا عرفنا أن أبا هريرة لم يعاصر النبي - ص - إلا عاماً وتسعة أشهر.
فجوابه أن يقال بل الذين يزداد به الأمر عجباً وعجباً هو شدة غباوة المؤلف