بأحاديث كثيرة تتعلق بالخلوة وغيرها فلم ينكرها عليها أحد ولم يقل أحد - ولا ينبغي أن يقول - إن سائر أمهات المؤمنين قد كان لهن من الخلوة بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما لها فما بال الرواية عنهن قليلة جداً بالنسبة إلى رواية عائشة انتهى.
وأما قوله وممن اتهم أبا هريرة بالكذب عمر وعثمان وعلي وغيرهم.
فجوابه من وجهين أحدهما أن يقال هذا من أكاذيب النظام ذكر ذلك ابن قتيبة في كتابه «تأويل مختلف الحديث» وقد نقل ذلك أبو رية في كتابه الذي هو ظلمات بعضها فوق بعض ورد عليه العلامة المحقق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في كتابه «الأنوار الكاشفة» فقال هذا أخذه من كتاب ابن قتيبة وإنما حكاه ابن قتيبة عن النظام بعد أن قال ابن قتيبة «وجدنا النظام شاطراً من الشطار يغدو على سكر ويروح على سكر ويبيت على جرائرها ويدخل في الأدناس ويرتكب الفواحش والشائنات, ثم ذكر أشياء من آراء النظام المخالفة للعقل وللإجماع وطعنه على أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة, فمن كان بهذه المثابة كيف يقبل نقله بلا سند, ومن الممتنع أن يكون وقع من عمر وعثمان وعلي وعائشة أو واحد منهم رمي لأبي هريرة بتعمد الكذب أو اتهام به ثم لا يشتهر ذلك ولا ينقل إلا بدعاوي من ليس بثقة ممن يعادي السنة والصحابة كالنظام وبعض الرافضة, وقد تقدم ثناء بعض الصحابة على أبي هريرة وسماع كثير منهم منه وروايتهم عنه, وأطبق أئمة التابعين من أبناء أولئك الأربعة وأقاربهم وتلاميذهم على تعظيم أبي هريرة والرواية عنه والاحتجاج بأخباره, وعند أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والناصبة حكايات معضلة مثل هذه الحكاية تتضمن الطعن القبيح في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وغيرهم وفي كثير منها ما هو طعن في النبي صلى الله عليه وسلم, والحكم في ذلك واحد وهو تكذيب تلك الحكايات البتة انتهى.
الوجه الثاني أن يقال إن عمر رضي الله عنه قد استعمل أبا هريرة على البحرين ثم عزله ثم أراده على العمل فأبى قال عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر استأثرت بهذه الأموال أي عدو الله وعدو كتابه فقال أبو هريرة لست بعدو الله ولا عدو كتابه ولكن عدو من عاداهما فقال فمن أين هي لك قال خيل نتجت وغلة رقيق لي وأعطية تتابعت علي فنظروا فوجدوه كما قال فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله