من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وسير معها أخاها محمد بن أبي بكر فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي رضي الله عنه فوقف على الباب وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم وقالت يا بني لا يعتب بعضنا على بعض إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه على معتبتي لمن الأخيار فقال علي رضي الله عنه صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة, وسار علي رضي الله عنه معها مودعا ومشيعا أميالا وسرح بنيه معها بقية ذلك اليوم.
ولو كان بين علي وعائشة رضي الله عنهما أمور خاصة تدعو إلى سعي عائشة رضي الله عنها في نقض بيعة علي رضي الله عنه لما رحبت عائشة رضي الله عنها بعلي رضي الله عنه لما دخل عليها ولما قالت في حقه ما قالت ولما فعل علي رضي الله عنه معها ما فعل من الحفاوة والتكريم.
الوجه الرابع أن يقال من أصول أهل السنة والجماعة الكف عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم. فلا يثير الكلام فيما شجر بينهم إلا من كان يبتغي الطعن فيهم من أهل البدع والأهواء المخالفين لما عليه أهل السنة والجماعة, وفي إثارة الكلام فيما شجر بينهم دليل على ما في قلب المتكلم فيهم من الغل والبغض لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون).
الوجه الخامس أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» رواه الإِمام أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصححه ابن حبان, ورواه الإِمام أحمد أيضا والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه حين كتب إلى أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يغزوهم عام الفتح فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعلموا ما شئتم فقد غفرت لكم» , وقد كان علي وطلحة والزبير رضي الله عنهم من أهل بدر فما كان لهم من