والجواب عن هذا التهور والوقاحة والفرية أن نقول (سبحانك هذا بهتان عظيم).
وأما كعب الأحبار ووهب بن منبه فليسا من الصحابة وإنما هما من التابعين ومن زعم أنهما ادعيا أنهما سمعا من النبي صلى الله عليه وسلم فقد افترى عليهما, وإنما سمعا من بعض الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا علم هذا فما روياه عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت ذلك بالأسانيد الصحيحة إليهما فلا شك في صحته وثبوته ولا يرد ذلك إلا مكابر معاند, وكذلك ما رواه وهب عن ثقات التابعين عن الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو ثابت أيضا, وأما قول المؤلف تبعاً لأبي رية إن أولئك الأحبار يبثون في الدين الإِسلامي أكاذيب وترهات ويدعون أنها مما سمعوه من النبي صلى الله علي وسلم وهي في الحقيقة من مفترياتهم.
فجوابه أن يقال هذا من هوس المؤلف وأبي رية وقد قال الله تعالى (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
وأما قوله وأين للصحابة أن يفطنوا لتمييز الصدق من الكذب من أقوالهم وهم من ناحية لا يعرفون العبرانية التي هي لغة كتابهم, ومن ناحية أخرى كانوا أقل منهم دهاءا وأضعف مكراً, وبذلك راجت بينهم سوق هذه الأكاذيب وتلقى الصحابة ومن تبعهم كل ما يلقيه هؤلاء الدهاة بغير نقد أو تمحيص معتبرين أنه صحيح.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال من أقبح الجراءة والوقاحة والتهور تهجم المؤلف تبعاً لأبي رية على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورميهم بالغباوة والتغفيل بحيث تروج عندهم الأكاذيب وبحيث يتلقون كل ما يلقى إليهم ولا يميزون بين الصدق والكذب, وهذا صريح في التنقص لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والغض منهم ولا يصدر ذلك إلا من منافق يبغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغتاظ منهم وقد قال الله تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره