للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال ليس في صحيح البخاري ولا في غيره من الصحاح حديث باطل وليس فيها حديث ينازع القرآن وليس فيها ما يخالف مفهوم القرآن كما زعم ذلك المؤلف كذبا وزوراً. فالحث على إبعاد كتب التحصيل والتخريج التي هي الصحاح والسنن والمسانيد لا يدعو إليه أحد يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن فقال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فلا يتطرق إلى القرآن تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان ولا معادلة من شيء من الكتب. وقد مضى بعد نزول القرآن قريب من أربعة عشر قرنا ولا يزال القرآن غضا طريا مصونا محفوظا بحفظ الله له. ولا يزال كذلك ما دام في الأرض إلى أن يسرى عليه في آخر الزمان ويرفع إلى السماء كما جاء ذلك في أحاديث صحيحة. فمن ظن أن شيئا من كتب السنة ينازع القرآن أو يعادله أو ينزل منه مع طول الزمان منزلة النسخ العديدة للكتب المتقدمة فقد ظن بالله ظن السوء ولم يؤمن بقوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقد رام بعض أعداء الله إدخال التغيير على القرآن فأبطل الله كيدهم وصان كتابه من أعمالهم السيئة.

الوجه الثالث أن النبي صلى الله عليه وسلم حث أمته على التمسك بسنته وأمرهم بتبليغ أحاديثه ودعا لمن بلغها بالرحمة والنضارة, وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة. منها ما رواه الإِمام أحمد وأهل السنن من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإِن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان والحاكم وقال ليس له علة ووافقه الذهبي في تلخيصه.

ومنها ما رواه مالك في الموطأ بلاغا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله» وقد رواه الحاكم في مستدركه موصولا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصححه وأقره الذهبي.

ومنها ما رواه الحاكم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض».

<<  <   >  >>