للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجوابه أن يقال ليس بين رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإِسراء على قول من أثبتها وبين الآيتين منازعة لأن الإِدراك المذكور في الآية من سورة الأنعام هو الإِحاطة, والله تبارك وتعالى لا يحاط به, وإذا ورد النص بنفي الإِدراك الذي هو الإِحاطة فلا يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة, وهذه الشمس والقمر والنجوم كل بصير يراها ولا يحيط بها ولا يدرك حقيقتها وكنهها وماهيتها, والله تبارك وتعالى أعظم من أن يحاط به قال الله تعالى (ولا يحيطون به علماً).

وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عياناً كما يرون الشمس والقمر, يرونه في العرصات وفي روضات الجنات, وهذا مما يؤمن به أهل السنة والجماعة وينكره الجهمية والمعتزلة ومن نحا نحوهم من أهل البدع.

وأما قوله (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب).

فقد أجاب عنه النووي في شرح مسلم بأنه لا يلزم من الرؤية وجود الكلام حال الرؤية فيجوز وجود الرؤية من غير كلام.

فصل

وقال المؤلف في صفحة (٦٥) ما نصه

خرافة أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض, عن ابن عباس أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها من يشاء من خلقه, وفي رواية أخرى عنه أنه قال الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا الناس, قالوا إنه يأتي يوم القيامة وله لسان وشفتان ليشهد لمن استلمه بحق (ص ٢٧١ من كتاب تأويل مختلف الحديث) وهذا الحديث إسرائيلي متقول عن وهب بن منبه الذي قال فيه كان لؤلؤة بيضاء فسوده المشركون, وقد استهزأ الجاحظ بهذا الحديث فقال كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا (ويبدو أن المخترعين لهذا الحديث قصدوا أن يقولوا أن الناس يقبلون يد الله ومثل ذلك يقبلون يد الشيوخ).

والجواب أن يقال إن المؤلف نقل أكثر هذا الكلام من كتاب أبي رية وقد وقع فيه تغيير في كلمتين إحداهما قوله «حتى سودته خطايا الناس» وصوابه «حتى سودته خطايا أهل الشرك» والثانية قوله «متقول عن وهب» وصوابه «منقول عن وهب».

<<  <   >  >>