وقال أبو جعفر العقيلي لما صنف البخاري كتاب الصحيح عرضه على ابن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث, قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة, وقال الحاكم أبو أحمد رحمه الله محمد بن إسماعيل الإِمام فإِنه الذي ألف الأصول وبين للناس وكل من عمل بعده فإِنما أخذه من كتابه, ذكره الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري.
وذكر أيضاً عن أبي زيد المروزي قال كنت نائماً بين الركن والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي فقلت يا رسول الله وما كتابك قال جامع محمد بن إسماعيل, وقد ذكره النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» بنحوه.
وإذا علم ما ذكره النووي من إجماع الأمة على صحة الصحيحين ووجوب العمل بأحاديثهما وما ذكره العقيلي عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم أنهم استحسنوا صحيح البخاري لما عرضه عليهم وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة, فماذا يقال في المؤلف المبرسم الذي شذ عن جماعة المسلمين وخالف إجماع الأمة على صحة الصحيحين ووجوب العمل بأحديثهما ونصب نفسه لمعارضة البخاري والطعن في مائة وعشرين حديثاً من صحيحه وزعم أنها من دسائس الإِسرائيليين وزعم أيضاً أن هذا العدد نموذج لما في الصحيح من الأحاديث وليس بحصر لها, والجواب أن يقال (سبحانك هذا بهتان عظيم)(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) , وفي الحقيقة أن المؤلف هو صاحب الدس على المسلمين والتشكيك. فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو وأشباهه من الزنادقة شر من اليهود وأضر على الإِسلام والمسلمين منهم وبعد فهل يظن الأهوج المعجب بنفسه أنه أعلم من علي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم من أكابر المحدثين وأئمة الجرح والتعديل الذين استحسنوا صحيح البخاري وشهدوا له بالصحة. أم أنه غلب عليه الهوس فجعل يهذي من غير شعور يحتمل هذا ويحتمل ذاك وبئس كل من الأمرين.
وللمؤلف سلف ممن يشار إليهم في هذا العصر وهو القرن الرابع عشر من الهجرة وهم ما بين تلميذ للإِفرنج متخرج من بعض جامعاتهم وما بين مقلد لهم ومتقرب