ذكر هذه الرواية, هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك بن أبي نمر عن أنس وقد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى فيه بألفاظ غير معروفة, وقد روى حديث الإِسراء جماعة من الحفاظ المتقنين والأئمة المشهورين كابن شهاب وثابت البناني وقتادة يعني عن أنس فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك, وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث, قال والأحاديث التي تقدمت قبل هذا هي المعول عليها, هذا كلام الحافظ عبد الحق انتهى كلام النووي.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية وقوله في حديث شريك عن أنس ثم استيقظت فإِذا أنا في الحجر - معدود في غلطات شريك أو محمول على أن الانتقال من حال إلى حال يسمى يقظة كما في حديث عائشة رضي الله عنها حين ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الطائف فكذبوه قال فرجعت مهموما فلم أستفق إلا بقرن الثعالب, وفي حديث أبي أسيد حين جاء بابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه فوضعه على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتغل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث مع الناس فرفع أبو أسيد ابنه ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد الصبي فسأل عنه فقالوا رفع فسماه المنذر, وهذا الحمل أحسن من التغليط والله أعلم انتهى كلام ابن كثير.
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل ليلة الإِسراء فقد اختلف العلماء فيها فأثبتها بعضهم ونفاها آخرون, وقال بعضهم رآه بفؤاده لا بعيني رأسه. قال ابن كثير في «البداية والنهاية» اختلفوا في الرؤية فقال بعضهم رآه بفؤاده مرتين قاله ابن عباس وطائفة, وأطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد, وممن أطلق الرؤية أبو هريرة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما, وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين واختاره ابن جرير وبالغ فيه وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين, وممن نص على الرؤية بعيني رأسه الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله السهيلي عنه واختاره الشيخ أبو زكريا النووي في فتاويه, وقالت طائفة لم يقع ذلك لحديث أبي ذر في صحيح مسلم قلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال «نور أنى أراه» وفي رواية «رأيت نوراً» والخلاف في هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف انتهى.
وأما قول المؤلف ونقول للمؤمن العاقل تأمل منازعة هذا الحديث لقوله تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) وقوله (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب).