لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم انتهى.
الوجه الرابع قد ذكرت مراراً أن الأحاديث الصحيحة لا تنازع كتاب الله - وأما ما زعمه المؤلف من الأحاديث التي رصدها وجمعها من صحيح البخاري أنها قد نازعت كتاب الله فهو زعم كاذب وقول باطل فليس في صحيح البخاري ما ينازع القرآن البتة, وإنما أتي المؤلف من سوء فهمه وزيغ قلبه.
الوجه الخامس أن يقال إن الشيطان قد جند المؤلف وأشباهه من زنادقة العصريين لعملية التخريب في صدور المسلمين عن طريق الطعن في الأحاديث الصحيحة ورفضها واطراحها ولم يجند الإِسرائيليين لذلك وإن كانوا من شر جنوده, فالبلاء كل البلاء من المؤلف وأشباهه من أعداء السنة. فهم في الحقيقة شر من اليهود وأعظم منهم ضرراً على الإسلام والمسلمين.
الوجه السادس أن يقال إن الله تعالى قد حفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما حفظ القرآن. قال الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وهذه الآية الكريمة تشمل القرآن والسنة لأن كلاً منهما وحي منزل من الله تعالى. قال الله تعالى (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) والحكمة هي السنة على أصح الأقوال. وقال تعالى في صفة رسوله صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى).
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه» وفي رواية «إني أوتيت الكتاب وما يعدله» وقد تقدم هذا الحديث في الفصل الثالث في أول هذا الكتاب فليراجع (١). وتقدم فيه أيضا قول حسان بن عطية إن جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل بالقرآن.
قال ابن حزم في كتاب الأحكام والقرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض وهما شيء واحد في أنهما عند الله تعالى وحكمهما حكم واحد في باب وجوب الطاعة لهما. ثم ذكر قول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقوله تعالى (قل إنما أنذركم بالوحي) ثم قال فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم وحي والوحي بلا خلاف ذكر, والذكر محفوظ بنص القرآن فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء إذ