أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان مبلغا لما أخبره به الملك عن الله تعالى من سيادة فاطمة لنساء أهل الجنة. وكذلك ما أخبر به عن زوجته عائشة هو من باب التبليغ عن الله تعالى. وقد قال الله تعالى (قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
قال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة عائشة رضي الله عنها. ومن خصائصها أنها أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم بل أعلم النساء على الإطلاق. قال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. وقال عطاء بن أبي رباح كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال عروة ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث بقدر روايتها. وقال أبو موسى الأشعري «ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما» رواه الترمذي. وقال أبو الضحى عن مسروق رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال الشعبي كان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها قال حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبرأة من فوق سبع سموات, وثبت في صحيح البخاري من حديث أبي عثمان النهدي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك قال «عائشة قلت ومن الرجال قال أبوها» انتهى.
وإذا علم ما ذكرنا فلا ينكر فضل عائشة رضي الله عنها على النساء إلا من هو مكابر معاند وكذلك لا ينكر سيادة فاطمة رضي الله عنها لنساء أهل الجنة إلا من هو مكابر معاند لأن فاطمة رضي الله عنها كانت بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم سيد بني آدم في الدنيا والآخرة فلا ينكر أن تكون بنته التي أصيبت بفقده سيدة نساء أهل الجنة, كما أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة, وكما أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين. وكل هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره إلا من هو مكابر معاند.
الوجه الخامس أن المؤلف قد زعم أن الإِسرائيليين نسبوا إلى النبي صلى الله