الحديث, والمقصود هنا بيان أن الروايات التي ذكرها البخاري في صحيحه لصحيفة علي رضي الله عنه كلها صحيحة ولا مطعن فيها بوجه من الوجوه. وكلام المؤلف فيها ضرب من الهوس الذي يشبه هذيان المجانين.
الوجه الخامس أن يقال إن أئمة الجرح والتعديل قد بينوا أحوال الرواة وميزوا الثقات من المجروحين وبينوا أحوال المجروحين على اختلاف مراتبهم ودرجاتهم في الضعف أو الانحطاط وصنفوا في ذلك مصنفات كثيرة وأفردوا الموضوعات بمصنفات خاصة بينوا فيها أسماء الوضاعين وأغلقوا أبواب الدس عليهم وتركوا الأمر واضحاً جلياً لمن أراد الله هدايته. فجزاهم الله عن المسلمين خير الجزاء.
وقد قابلهم أهل الزيغ والإِلحاد من تلامذة الإِفرنج ومقلديهم من العصريين ففتحوا باب الطعن في الأحاديث الصحيحة ورواتها من الثقات الأثبات فكلما وجدوا حديثاً صحيحا لا يوافق أفكارهم أو أفكار من يعظمونه من الإِفرنج وتلاميذهم ومقلديهم لم يتوقفوا في رده والطعن فيه بالشبه والتشكيكات الباطلة والطعن في الرواة بالتغفيل وقبول الدس. وهذه طريقة المؤلف وأبي رية عاملهما الله بعدله.
ولم يقف المؤلف وأبو رية وأشباههما عند هذا الحد بل تعدوا ذلك إلى الكلام في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدحوا في عدالة بعضهم ورموا بعضهم بالدس وبعضهم بالتغفيل وقبول الدس من اليهود. وسيأتي بيان ذلك عند كلام المؤلف فيهم إن شاء الله تعالى.
وقد نزه الله أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم عما يفتريه أعداؤهم من أهل الزيغ والإِلحاد, وكذلك رواة الأحاديث الصحيحة من أئمة التابعين وتابعيهم ومن بعدهم من أئمة العلم والهدى فكلهم منزهون عما يفتريه المؤلف وأبو رية وأشباههما من أعداء السنة وأهلها.
وأما قوله وأي شيء أعجب من أن يكون البخاري شيخ واحد وكتابه سجل واحد والحديث أيضا في موضوع واحد وبعد ذلك تأتي الروايات الثمانية فيه مختلفة اختلافاً صريحاً في اللفظ والمعنى.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال أعجب من ذلك أن يجيء في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة جاهل أحمق طائش لا يعرف المرفوع من المنصوب ولا المذكر من