عن أبي هريرة مرفوعا الخلافة بالمدينة والملك بالشام. وعن كعب الأحبار أهل الشام سيف من سيوف الله ينتقم الله بهم ممن عصاه. ومن حديث ستفتح عليكم الشام فإِذا خيرتم فعليكم بمدينة يقال لها دمشق وهي حاضرة الأمويين فإِنها معقل المسلمين في الملاحم وفسطاطها منها بأرض يقال لها الغوطة.
وقد جعلوا دمشق هذه هي الربوة في القرآن التي قال الله عنها (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) وذلك في حديث مرفوع, وقد جعلها أبو هريرة من مدائن الجنة في حديث رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا نصه أربع مدائن من مدائن الجنة مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق وأما مدائن النار فالقسطنطينية وطبرية وأنطاكية وصنعاء, وإرضاء ليزيد بن معاوية أميرها في غزوها يجعلون القسطنطينية مرة أخرى ذات فضل كبير فيقولون حديثا عنها يقول (لتفتحن القسطنطينية فنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش).
والجواب عن هذا من وجهين أحدهما أن يقال هذا الكلام قد نقله المؤلف من كتاب أبي رية ببعض زيادة وتصرف. ومن الزيادة قوله في الأحاديث التي جاءت في فضل الشام أنها قيلت إرضاء لبني أمية. وهذا خطأ كبير فإِن الأحاديث التي جاءت في فضل الشام ليست كلها موضوعة كما قد توهمه المؤلف, بل فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى, فأما الصحيح منها فلا شك في ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الحسن فمقبول عند أهل العلم. وأما الضعيف فيقتصر على تضعيفه ولا يجوز الحكم عليه بالوضع بغير حجة.
ويلزم على قول المؤلف أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ما قال في فضل الشام إرضاء لبني أمية, وما لزم عليه ذلك فهو قول سوء لا يقوله من له أدنى مسكة من عقل ودين.
الوجه الثاني أن يقال قد جاء في فضل الشام آيات من القرآن وأحاديث صحيحة. فمن الآيات قول الله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) وقوله تعالى إخباراً عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم).