الوجه الثالث أن يقال إن أبا هريرة رضي الله عنه كان من أئمة القراءات وهو من شيوخ الأعرج وأبي جعفر القارئ وهما من شيوخ نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم أحد الأئمة السبعة في القراءات وهو الذي قام بالقراءة بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم, ذكر ذلك أبو بكر بن مجاهد في كتاب «السبعة في القراءات» قال وكان عبد الرحمن - يعني ابن هرمز الأعرج - قد قرأ على أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما, حدثني أحمد بن محمد بن صدقة قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق المدني بقورس قال حدثنا عبيد بن ميمون التبان قال قال لي هارون بن المسيب قراءة من تقرأ قال قلت له قراءة نافع بن أبي نعيم قال فعلى من قرأ نافع قال قلت أخبرنا نافع أنه قرأ على الأعرج وأن الأعرج قال قرأت على أبي هريرة رضي الله عنه وقال أبو هريرة قرأت على أبي بن كعب وقال أبي عرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وقال «أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن» ثم روى ابن مجاهد بإِسناده إلى عاصم بن بهدلة قال قلت للطفيل بن أبي بن كعب إلى أي معنى ذهب أبوك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقرأ عليك القرآن» فقال ليقرأ علي فأخذو ألفاظه, وقال محمد بن إسحاق الصنعاني عن أبي عبيد قال معنى هذا الحديث أن يتعلم أبي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلم قراءة أبي رضي الله عنه.
ثم قال ابن مجاهد وكان أبو جعفر - يعني يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي - لا يتقدمه أحد في عصره أخذ القراءة عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما وعن مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي, ثم ساق ابن مجاهد بإِسناده إلى سليمان بن مسلم بن جماز الزهري قال سمعت ابا جعفر يحكي لنا قراءة أبي هريرة رضي الله عنه في (إذا الشمس كورت).
وفيما ذكره ابن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أبلغ رد على المؤلف وأبي رية لأن أبا هريرة لم يكن ليقرئ القرآن إلا وهو حافظ له.
ومما ذكرته في أول هذا الفصل وآخره يتضح أنه قد اجتمع في أبي هريرة رضي الله عنه ثلاث خصال حميدة لا ينالها إلا القليل من الناس, أحدها أنه كان من حفاظ القرآن, الثانية أنه كان من أئمة القراءات, الثالثة أنه كان أحفظ من روى الحديث في عصره, وخصلة رابعة أيضاً لم يتقدم ذكرها وهو أنه كان من أئمة