وأما قوله وأنكر عليه ابن مسعود قوله عن غسل ميتا ومن حمله فليتوضأ وقال فيه قولا شديداً ثم قال يا أيها الناس لا تنجسوا من موتاكم.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال قد أسقط المؤلف تبعا لأبي رية قوله «فليغتسل» بعد قوله «من غسل ميتا» ولو كان عند المؤلف أدنى معرفة لتنبه لما أسقطه أبو رية من الحديث ولكنه أعمى البصيرة يسير خلف أعمى البصيرة ويقلده.
الوجه الثاني أن يقال قد ذكر ابن عبد البر هذا الأثر في كتابه «جامع بيان العلم وفضله» بدون إسناد, وما ليس له إسناد صحيح فليس بمقبول, وقد روى البيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال «إن كان صاحبكم نجسا فاغتسلوا وإن كان مؤمنا فلم نغتسل من المؤمن» قال البيهقي إسناده ليس بالقوي.
هذا ما رأيته مروياً عن ابن مسعود رضي الله عنه وما رأيت غيره, وليس فيه ذكر لأبي هريرة رضي الله عنه فضلا عن الإِنكار والقول الشديد الذي زعمه المؤلف تقليداً لأبي رية.
قوله نجسا أي كافراً لقول الله تعالى (إنما المشركون نجس).
الوجه الثالث أن يقال إن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قد رواه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من غسَّل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ» وقد روى الإِمام أحمد وابن ماجه منه قوله «من غسل ميتا فليغتسل» وإسناد كل منهما صحيح, ورواه الترمذي ولفظه «من غسله الغسل ومن حمله الوضوء» يعني الميت, قال الترمذي حديث حسن, وقد روي عن أبي هريرة موقوفا قال وفي الباب عن علي وعائشة.
قلت أما حديث علي رضي الله عنه فرواه الشافعي وأحمد وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وأبو داود السجستاني والنسائي وعبد الله بن الإِمام أحمد في زوائد المسند وأبو يعلى والبزار والبيهقي قال لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن عمك الشيخ قد مات قال اذهب فواره ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني قال فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني قال فاغتسلت ثم أتيته قال فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها, قال وكان علي إذا غسل الميت اغتسل, هذا لفظ أحمد في إحدى الروايتين ولفظ ابنه عبد الله