للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وقال المؤلف في صفحة (١٢) ما نصه

الدافع التاسع هو ضرورة التأكيد على أن السنة العملية هي البيان التطبيقي لأحكام الله في العبادات. وقد بينها النبي (ص) بيانا عمليا مشهوداً من الأمة كلها. ولعلمه عليه الصلاة والسلام أن الناس أدركوا هذا التطبيق بمشاهدتهم وأنه أمرهم بنقله بياناً وعملاً لمن بعدهم كما تعلموه منه ولعلمه وتأكده تماماً أن ما عرفوه من تطبيقه العملي لما جاء به القرآن أصبح علماً معروفاً بالمشاهدة وسنة منقولة نقلا جماعياً متواتراً. فإِنه لم يأمرهم بتدوين شيء اسمه الحديث خشية أن يصبح كتاب الحديث في مكانه المنازع لكتاب الله بعد مضي السنين وتعاقب الزمن كما هو حادث الآن من الأحاديث التي رصدناها كأمثلة على ذلك في الجزء الثاني من هذا الكتاب, وبنفس الدافع اضطررنا إلى التأكيد على أن الشيطان هو الذي جند الإِسرائيليين لعملية التخريب العقائدي في صدور المسلمين عن طريق الحديث الدخيل حينما عجز عن الوصول إلى عقائدهم عن طريق القرآن الكريم الذي وجدوه محفوظا من التبديل بمقتضى قول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) - إلى أن قال - ولقد برع اليهود في حبك تركيبة الحديث الباطل بحيث لا يخلو أبداً من جملة براقة في تمجيد النبي وتكريمه حتى تكون هذه الجملة دثاراً وغشاء لما فيه من زور وباطل يبرأ الله ورسوله منه, وتأكيداً على تلك الحقيقة فإِنا قد حشدنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب من أحاديث العيب والعوار ما يقنع العقلاء بأن وضاعي الحديث قد دسوا لنا السم في العسل.

والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال إن السنة ليست مقصورة على أفعال النبي صلى الله عليه وسلم فقط كما زعم ذلك المؤلف وإنما هي شاملة لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته, هذا هو المعروف عند علماء المسلمين قديما وحديثا. ولا عبرة بما يهذو به تلامذة الإِفرنج من العصريين الذين فرقوا بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وبين أقواله وتقريراته فقبلوا الأفعال وردوا ما سواها, وهؤلاء مشابهون للذين قال الله تعالى فيهم (ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا).

الوجه الثاني أن الله تعالى قال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه

<<  <   >  >>