وقوله تعالى (ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) وقوله تعالى (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها) وقوله تعالى (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة) قال العلماء في تفسير الآيتين من سورة الأنبياء المراد بالأرض أرض الشام وقالوا في تفسير الآية من سورة سبأ المراد بالقرى قرى الشام.
وإذا علم هذا فهل يقول المؤلف في هذه الآيات ما قاله في الأحاديث, أم ماذا يجيب به عن قوله الذي لم يتثبت فيه.
وأما الأحاديث الواردة في فضل الشام فهي كثيرة ونقتصر منها على ما ذكره المؤلف وما أشار إليه في أرض المحشر والأبدال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
فأما كون الشام أرض المحشر فهو ثابت بالكتاب والسنة. أما الكتاب فقول الله تعالى (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر) الآية, وأهل الكتاب هم بنو النضير أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أذرعات من أرض الشام قال ابن عباس رضي الله عنهما «من شك أن أرض المحشر ههنا يعني الشام فليقرأ هذه الآية (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر) قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «أخرجوا» قالوا إلى أين قال «إلى أرض المحشر» رواه ابن أبي حاتم, وعن الحسن قال لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير قال «هذا أول الحشر وأنا على الأثر» رواه ابن جرير وابن حاتم, وقال الكلبي إنما قال لأول الحشر لأنهم كانوا أول من أجلي من أهل الكتاب من جزيرة العرب ثم أجلى آخرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال مرة الهمداني كان أول الحشر من المدينة والحشر الثاني من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا من الشام في أيام عمر, وقال قتادة كان هذا أول الحشر والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا.
وأما الدليل من السنة فما رواه سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول لهم «إنكم تحشرون إلى بيت المقدس ثم تجتمعون يوم القيامة» رواه البزار والطبراني قال الهيثمي وإسناد الطبراني حسن.