الأمم ورأوا أنه لا سبيل إلى مناصبته رجعوا إلى الحيلة والمكيدة فأظهروا الإِسلام من غير رغبة فيه وأخذوا أنفسهم بالتعبد والتقشف فلما حمد الناس طريقتهم دسوا الأحاديث والمقالات وفرقوا الناس فرقاً, قال المؤلف ونضيف إلى ذلك أن نقل الحديث بالمعنى وليس باللفظ والنص الذي نطق به النبي فتح باب الزيادة والنقص في كلامه وجعل للرواة علة في الإِضافة والحذف تسوية لمواقف معينة من الأمراء والخلفاء والحكام في زمن الفتنة التي غشيت المسلمين وفتحت عليهم أبواب الشرور.
والجواب عن هذا من وجهين أحدهما أن يقال إن الله تعالى قد أقام للسنة المحمدية جهابذة نقاداً بينوا أحوال الرواة وميزوا الثقات من المجروحين وبينوا أسماء الوضاعين وذكروا أحاديثهم الموضوعة ولم يتركوا شيئاً من الأحاديث التي وضعتها الزنادقة وأرادوا بها الدس واللبس على ضعفاء البصيرة إلا وقد نبهوا عليها, وكذلك قد نبهوا على الأحاديث الضعيفة والمنكرة وبسبب هذه العناية جاءت الأحاديث الصحيحة خالصة صافية من الشوائب وفي طليعتها الصحيحان اللذان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى وقد تلقتهما الأمة بالقبول وأجمع العلماء على صحتهما. وقد أجار الله هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله أجاركم من ثلاث خلال لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وأن لا تجتمعوا على ضلالة».
وروى الإِمام أحمد والطبراني عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «سألت الله أن لا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها».
وروى الترمذي والحاكم وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد على ضلالة ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ إلى النار».
وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن أمتي لا تجتمع على ضلالة».
وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبداً».