وأما الوهط فأرض تصدق بها عمرو بن العاص كان يقوم عليها».
وأما أبو الحسن ابن الأثير فقال في كتابه «أسد الغابة, في معرفة الصحابة ما نصه قال مجاهد أتيت عبد الله بن عمرو فتناولت صحيفة تحت مفرشه فمنعني قلت ما كنت تمنعني شيئاً قال هذه الصادقة فيها ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد, إذا سلمت لي هذه وكتاب الله والوهط فلا أبالي علام كانت عليه الدنيا, قال ابن الأثير والوهط أرض كان يزرعها.
وأما قول أبي رية إن الصحيفة الصادقة أدعية وصلوات فهو مردود بقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن فيها ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبينه أحد, وكذلك ما ذكره ابن قتيبة عن مغيرة أنه قال ما يسرني أنها ليس بفلسين هو مردود بقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما, وما أبشع هذا القول من مغيرة إن كان ثابتا عنه وكذلك إيراد ابن قتيبة له في كتابه «تأويل مختلف الحديث» مستبشع أيضاً لما في ذلك من رد الأحاديث التي سمعها عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من النبي صلى الله عليه وسلم والاستخفاف بشأنها, ولعل مغيرة وابن قتيبة لم يثبت عندهما قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن الصحيفة الصادقة فيها ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وكتبه بإِذنه أو أنهما ظنا أن الصحيفة هي مما أصابه يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب فلهذا قال مغيرة ما قال ونقله عنه ابن قتيبة وأقره.
وأما قول المؤلف تبعاً لأبي رية إن أبا هريرة رضي الله عنه لم يحفظ القرآن.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال لم يسند أبو رية هذا القول إلى مصدر موثوق به, والأحرى أن ذلك من كيسه, وما يدريه قاتله الله أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يحفظ القرآن (أعنده علم الغيب فهو يرى) , وقد ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» عن ابن جريح عمن حدثه قال قال أبو هريرة رضي الله عنه إن أجزئ الليل ثلاثة أجزاء فجزءاً لقراءة القرآن وجزءاً أنام فيه وجزءاً أتذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا يدل على أنه كان حافظا للقرآن.
الوجه الثاني أن يقال قد ذكر ابن سعد في الطبقات من جمع القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر منهم أبا هريرة, وفي هذا أبلغ رد على المؤلف وأبي رية.