للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من بعد مواضعه) وقال تعالى (وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) وقال تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) وفي هذه الآيات أبلغ تحذير من الاغترار باليهود. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون».

وقد كان الصحابة على غاية من النباهة والحذر مما حذرهم الله ورسوله منه من كيد اليهود وتحريفهم, فمن ظن أن سوق الأكاذيب قد راجت بين الصحابة وأنهم يتلقون ما يلقيه أهل المكر والدهاء بغير نقد أو تمحيص وأنهم يعتبرون ذلك صحيحاً فقد ظن بالصحابة ظن السوء ولا يصدر ذلك إلا من منافق قد امتلأ قلبه غيظاً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الوجه الخامس نذكر فيه نموذجاً من نباهة الصحابة وردهم على من قال بخلاف الصواب. فمن ذلك ما رواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتيت الطور فوجدت ثم كعبا فمكثت أنا وهو يوماً أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن التوراة فقلت له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه قبض وفيه تقوم الساعة ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا ابن آدم وفيه ساعة لا يصادفها مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه» فقال كعب ذلك يوم في كل سنة فقلت بل هي في كل جمعة فقرأ كعب التوراة ثم قال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في كل جمعة فخرجت فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال من أين جئت قلت من الطور قال لو لقيتك من قبل أن تأتيه لم تأته قلت له ولم قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس» فلقيت عبد الله بن سلام فقلت لو رأيتني خرجت إلى الطور فلقيت كعباً أنا وهو يوماً أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن التوراة فقلت له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير

<<  <   >  >>