وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضاً وفيها رد على من طعن في شيء من أحاديث الصحيحين وشذ بذلك عن جماعة المسلمين الذين تلقوهما بالقبول وخالف إجماع العلماء على صحتهما, ومن أولئك الشاذين عن جماعة المسلمين أبو رية والمؤلف وأشباههما من تلامذة الإِفرنج ومن يقلدهم ويتزلف إليهم بالطعن في الأحاديث الثابتة ورواتها.
الوجه الثاني أن المؤلف وجه التهمة إلى الرواة على وجه العموم في الإضافة إلى الأحاديث والحذف منها تسوية للمواقف من الأمراء والخلفاء والحكام, وهذا خطأ ظاهر لأن الرواة فيهم الثقات الأثبات الذين يحافظون على أداء الحديث كما سمعوه وهؤلاء لا يتوجه إليهم شيء من التهم, ومن وجه التهمة إليهم فقد افترى عليهم ووصفهم بما ليس فيهم. ومن الرواة الثقات من يحافظ على المعنى وإن كان قد يقع منه تغيير في بعض الألفاظ وهؤلاء دون الذين قبلهم في الحفظ والضبط ومع هذا فلا يتوجه إليهم شيء من التهم.
وأما الرواة الذين ليسوا بثقات فهم أهل الزيادة والنقص في المعاني والألفاظ وهم أهل التزلف عند الأمراء والخلفاء والحكام, وهؤلاء ليسوا أمناء على الحديث فلا يعتد بهم وقد بين العلماء من أهل الجرح والتعديل أحوالهم كما تقدم التنبيه على ذلك في الوجه الأول, وفي تسوية المؤلف بين هؤلاء المجروحين وبين الثقات الأثبات تمويه وتبليس على ضعفاء البصيرة.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (٣١) ما نصه
التحريف من أسباب الزيادة في كلام النبي - ص - ومثال ذلك أن عائشة حينما سمعت أن أبا هريرة حدث أن رسول الله - ص - قال «إن يكن الشؤم ففي ثلاث الدار والمرأة والفرس» غضبت وقالت والله ما قال هذا رسول الله قط وإنما قال «أهل الجاهلية يقولون إن يكن الشؤم ففي ثلاث الدار والمرأة والفرس» فدخل أبو هريرة فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال إن عنوان المؤلف ظاهر في رميه أبا هريرة رضي الله عنه بالتحريف والزيادة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم,