الأمر كذلك في كتاب أبي رية فقد ذكره أبو رية عن ابن عبد البر وعزاه في الهامش إلى جامع بيان العلم ص ٤٥ جـ ١, وهذا سياق أبي رية, وقال الحاكم سمعت أبا زكريا العنبري يقول الخبر إذا لم يحرم حلالاً ولم يحل حراماً ولم يوجب حكما في ترغيب أو ترهيب أغمض وتسوهل في روايته, وقال ابن عبد البر أحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به, وقال أحاديث الفضائل تسامح العلماء قديماً في روايتها عن كل, ولم ينتقدوا فيها كانتقادهم في أحاديث الأحكام.
وأقول قد راجعت كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر وتتبعته من أوله إلى آخره فما وجدت هذا الكلام فإِما أن يكون أبو رية قد أخطأ في نسبته إلى كتاب جامع بيان العلم وفضله, وإما أن يكون ذلك في بعض النسخ دون بعض, وأما ما نقله عن الحاكم فلم أجده في المستدرك وإنما فيه كلام ابن مهدي, قال الحاكم في «كتاب الدعاء» سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول سمعت أبا الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلى يقول كان أبي يحكي عن عبد الرحمن بن مهدي يقول إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد.
الوجه الثاني أن يقال قد روي عن الإِمام أحمد رحمه الله تعالى أنه يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال مما ليس فيه تحليل ولا تحريم, قال أبو عبد الله النوفلي سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام شددنا في الأسانيد وإذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد رواه الخطيب والقاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة.
وعن الإِمام أحمد ما يدل على أنه لا يعمل بالحديث الضعيف في الفضائل والمستحبات ذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» قال ولهذا لم يستحب صلاة التسبيح لضعف خبرها عنده مع أنه خبر مشهور عمل به وصححه غير واحد من الأئمة ولم يستحب أيضا التيمم بضربتين على الصحيح عنه مع أن فيها أخباراً وآثاراً وغير ذلك من مسائل الفروع فصارت المسألة على روايتين عنه, ويحتمل أن يتعين الثاني لأنه إذا لم يشدد في الرواية في الفضائل لا يلزم أن يكون ضعيفا واهيا ولا أن يعمل به