الأرض علما) , وأنصار الإِمام مالك لم يلبثوا أن وضعوا في إمامهم هذا الحديث ونصه (يخرج الناس من المشرق إلى المغرب فلا يجدون أعلم من عالم أهل المدينة) يعني مالك.
والجواب أن يقال هذا الكلام نقله المؤلف من كتاب أبي رية وهو من الأباطيل المردودة على قائلها, فأما قوله إن من أهل السنة المختلفين في الفروع من وضع أحاديث كثيرة لنصرة مذهبه أو تعظيم إمامه.
فجوابه أن يقال إنما يعرف وضع الأحاديث عن الزنادقة وأهل البدع وهؤلاء ليسوا من أهل السنة وإن انتسبوا إلى بعض المذاهب, فأما المتمسكون بالكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان فليسوا ممن يضع الحديث, وهم أهل السنة على الحقيقة, وقد يقع الوضع من بعض الجهال المنتسبين إلى السنة ومن المغفلين وهم الذين يقبلون التلقين وممن اختلطت عقولهم فخلطوا في الرواية وممن لا حفظ لهم ولا تمييز فيحدثون من حفظهم فيغلطون, هؤلاء وإن انتسبوا إلى السنة فلا عبرة بهم لأن وجودهم في أهل السنة كعدمهم.
وأما حديث (يكون في أمتي رجل يقال له محمد ابن إدريس) إلى آخره فقد رواه مأمون بن أحمد السلمي عن أحمد بن عبد الله الجويباري وكل منهما دجال معروف بكثرة الوضع, قال ابن الجوزي بعد إيراده لهذا الحديث في كتابه «الموضوعات» هذا حديث موضوع لعن الله واضعه. وهذه اللعنة لا تفوت أحد الرجلين وهما مأمون والجويباري. وكلاهما لا دين له ولا خير فيه كانا يضعان الحديث. قال ابن حبان كان مأمون دجالا من الدجالين حدث عمن لم يره وكان الجويباري كذاباً دجالاً يضع على الذين يروي عنهم ما لم يحدثوه لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الجرح فيه. وذكر هذا الحديث أبو عبد الله الحاكم في كتاب المدخل إلى كتاب الإكليل فقال قيل لمأمون بن أحمد ألا ترى إلى الشافعي وإلى من تبع له بخراسان فقال حدثنا أحمد بن عبد الله فذكر الحديث فبان بهذا أن الواضع له مأمون الذي ليس بمأمون انتهى كلام ابن الجوزي.
وأما قول المؤلف تقليداً لأبي رية. وهنا اضطرت الشافعية إزاء ذلك إلى أن يرووا في إمامهم حديثا يفضلونه على كل إمام. وهذا نصه. قال رسول الله - ص - (أكرموا قريشا فإِن عالمها يملأ طباق الأرض علما).