الوجه الرابع أن يقال على تقدير ثبوت ما رواه ابن أبي مليكة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو معارض بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه كما في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «نضر الله امرءاً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب مبلغ أحفظ له من سامع» هذا لفظ أحمد وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح, ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «رحم الله من سمع منا حديثاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع».
وروى الإِمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه» قال الترمذي هذا حديث حسن قال وفي الباب عن عبد الله ابن مسعود ومعاذ بن جبل وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأنس رضي الله عنهم.
قلت قد روى ابن ماجه حديثي جبير بن مطعم وأنس رضي الله عنهما. وفي الباب أيضا عن أبي سعيد الخدري وعبيد بن عمير والنعمان بن بشير وأبيه وأبي قرصافة وجابر وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم.
وقد أجاب الحافظ الذهبي عما رواه ابن أبي مليكة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بجواب حسن فقال في تذكرة الحفاظ هذا المرسل يدلك أن مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري لا سد باب الرواية. ألا تراه لما نزل به أمر الجدة ولم يجده في الكتاب كيف سأل عنه في السنة فلما أخبره الثقة ما اكتفى حتى استظهر بثقة آخر ولم يقل حسبنا كتاب الله كما تقوله الخوارج انتهى.
وأمر الجدة الذي أشار إليه الذهبي هو ما رواه مالك وأهل السنن عن قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر رضي الله عنه مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو