وأما نزول عيسى عليه الصلاة والسلام بأرض الشام فهو ثابت من حديث النواس بن سمعان وأوس بن أوس الثقفي ونافع بن كيسان عن أبيه, فأما حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه فرواه الإِمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وهو حديث طويل ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقال فيه «فبينا هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين» الحديث. قال الترمذي حديث غريب حسن صحيح.
وأما حديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواه الطبراني ولفظه قال «ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق» قال الهيثمي رجاله ثقات.
وأما حديث نافع بن كيسان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواه البخاري في التأريخ الكبير ولفظه قال «ينزل عيسى بن مريم بشرقي دمشق عند المنارة البيضاء» وذكر الحافظ ابن حجر في الإِصابة أن ابن السكن والطبراني وابن منده أخرجوه قال وكذا أخرجه الربعي في فضائل الشام وتمام في فوائده ورجاله ثقات قلت وقد ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب وذكر أن إسناده صالح.
وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على من أنكر أن يكون نزول عيسى عليه الصلاة والسلام بأرض الشام وعلى من زعم أن الأحاديث الواردة في ذلك إنما قيلت إرضاء لبني أمية.
وأما الحديث الذي رواه الإِمام أحمد والبغوي والطبراني وغيرهم «عليكم بالشام فإِنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده وإن الله توكل بالشام وأهله» فقد رواه أبو داود في سننه بإِسناد حسن عن ابن حوالة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق» قال ابن حوالة خرلي يا رسول الله إن أدركت ذلك فقال «عليك بالشام فإِنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل لي بالشام وأهله» وقد روى الطبراني بعضه بمعناه من طريقين قال الهيثمي ورجال أحدهما رجال الصحيح.